الرئيسية » » ذاكرة الخندريس - عبد العزيز بركه ساكن

ذاكرة الخندريس - عبد العزيز بركه ساكن

|كُتِب بواسطة| أرض الكتاب |في الأحد، 13 يوليو 2014 | 5:02 م



 ذات يوم مطير، وأنت تخاف من المطر والبرق، يخيفك أكثر الرعد الذي يصطحب البرق الفجائي، ليس ذلك خوفا من الموت، لكنها فوبيا صاحبتك منذ ان كنت طفلا صغيرا ترضع من ثدي أمك، يوم ان خطفت الصاعقة روح والدك أمام عينيك. عندما احتشدت السحب السوداء الخيرة الحبلى بالمياه في السماء، في الشرق، فأسرعت الخطى نحو بيتك. أنت تعرف ان السحب القبلية مطرها مؤكد. وهي معرفة شائعة وأنت تهتم بكل ما ينذرك بالمطر، فليست في بلدك هيئة أرصاد تهتم بصحتك و سلامتك، تحركت من السوق الكبير حيث تعمل قبل ميعاد خروجك الطبيعي بساعتين، على بعد خمس كيلومترات من بيتك في حي الموظفين، حتى لا نفضحك فإننا سوف لا نذكر في أية مدينة أنت، أو اسمك كاملا، أو رقم بيتك أو تلفونك، سوف لا نصف هيئتك كيف تبدو، فبعض الناس بإمكانهم حرز من تكون وسيرسلون لك رسائل نصية يقولون لك فيها: بركة ساكن كان يقصدك، وبذلك يزيفون الواقع، وهم الذين يقصدونك في حقيقة الأمر.
عندما هبطت النقطة الأولى على راسك الكبير الأصلع، أصبت بهلع فوبوي عنيف. سالت نقاط الماء من أعلى راسك متدلية في دلال مرعب ناحية فمك من انفك الأفطس الذي بدأ يرتجف الآن. مرت النقاط خلال شفتك العليا عابرة شاربك الكبير إلى شفتك السفلى. احتفظ شارباك ببعض الماء على الشعيرات الخشنة السوداء، مررت عليهما كفك اليسرى بطريقة غير إرادية، في ذلك الحين لم يبيض شعرك كما هو الآن، لم تصبح ذقنك و لحيتك مثل مزرعة قطن منسية بعد. لم تستطع ان تفتح فمك لبلع النقاط الطيبات التي جاءتك من السماء مباشرة، تركتها تسقط على الأرض لتنضم إلى أخواتها السماويات تحت قدميك، ما كنت تحتاج للبرق المرعب وهزيم رعد طائش، لكي تقفز على اقرب جدار بيت من بيوت جيرانك لتنجو بنفسك. جدار من الطوب الأحمر مطلي بالجير والأسمنت، بيت جارك العزيز. الماء يتبعه البرق، البرق تتبعه الصاعقة، الصاعقة قد أخذت روح أبيك وقد تأخذ روحك بذات العنف والقسوة، لقد حرقت أبيك حريقاً تاماً ونهائياً، إلى ان أصبح اسود مثل جوال الفحم. لم تتركه لكي يصرخ أو يطلب النجدة، لم تنذره، لم تمهله لكي يودعك بنظرة قصيرة



إسم الكتاب : مخيلة الخندريس
الكاتب : عبد العزيز بركه ساكن 
التصنيف : روايه
النوع : Word


0 التعليقات :

إرسال تعليق